بالتأكيد قد سمعت من قبل عن أحد متاجر آبل Apple stores بتصميمها المبهر وأنها من أكثر المتاجر التي تدر ربحا على الإطلاق، لكن كيف بدأت هذه السلسة من المتاجر الرائعة؟ اليوم سنتحدث عن قصة إنشاء متجر آبل الأول وكيف لا تزال تلك المتاجر ناجحة إلى اليوم.
التحكم في تجربة العميل بالكامل
كانت لدى ستيف جوبز الفكرة الخاصة بالتحكم بتجربة العميل من البداية حتى النهاية لتستطيع شركة آبل تقديم خدمات رائعة للعملاء وبالطريقة التي تريد، وجزء من هذه التجربة هو المتجر الذي تشتري منه الأجهزة، في ذلك الوقت كان عصر متاجر بايت شوب المتخصصة في بيع أجهزة الكومبيوتر قد انتهى وانتقل بيع الحواسيب الشخصية إلى سلاسل المتاجر الكبرى، كان جوبز يرى أن أغلب العمال لا يمتلكون المعرفة ولا الشغف الكافيين لبيع منتجات آبل وعرض مميزاتها الإبداعية للناس.
إنشاء متجر آبل
الاستعانة برون جونسون ورؤيتهما حول المتجر
لذلك بدأ ستيف جوبز في مشروع إنشاء متجر لآبل نهاية عام 1999، قرر الاستعانة بنائب المدير لشركة تارجت -إحدى كبرى متاجر التجزئة في الولايات المتحدة – رون جونسون ليساعده في هذه المهمة، قاما بوضع فكرة لما سيكون عليه متجر آبل بعد أخذ جولة في مجمع ستانفورد التجاري سيرا على الأقدام في يناير عام 2000.
وبعد رؤية أكثر من 100 متجر داخل المجمع لم تكن هناك متاجر لبيع أجهزة الحاسوب، كان الشائع أن تكون تلك المتاجر في مناطق ذات تكلفة أقل، لكن جوبز كان مخالفا لهذا الرأي ورأى أن متجر آبل لابد أن يتواجد في المجمعات التجارية والمناطق المزدحمة حتى يدفع الناس لرؤية المنتجات وتفحصها وبخاصة مستخدمي ويندوز.
وبما أن جوبز كان يرى آبل كعلامة تجارية كبيرة، ورؤية جونسون أن حجم المتجر يدل على أهمية العلامة التجارية تم الاتفاق على أن المتجر سيكون كبيرا، إضافة إلى أنه سيعكس قيم وأهمية الشركة وهو شيء حبذه جونسون.
عرض الـ Apple store على مجلس الإدارة
عندما عُرضت الفكرة على مجلس إدارة الشركة لم تلق ترحيبا كافيا حيث أن شركة جيت واي قامت بالفعل بافتتاح عدة متاجر لكنها فشلت ولم تكن تجذب العدد الكافي من الزبائن، وكانت فكرة جوبز أن المتجر سينجح كونه في منطقة مجمع تجاري، وافق مجلس الإدارة على إنشاء اربعة متاجر على سبيل التجربة.
فلسفة التصميم

مبادئ تصميم المتجر
كان جوبز من المهووسين بالتفاصيل الجمالية ومحبي البساطة كطريقة للتعبير عن الجمال، لذلك كان المتجر هو مساحة جوبز الخاصة لتجسيد إبداعاته على أرض الواقع، لذلك قام بتصميم المتجر اعتمادًا على هذا المبدأ، ملهيات قليلة وتركيز على المنتجات.

تقسيم المتجر
لكن آبل في ذلك الوقت كانت تقدم أربع منتجات فقط، منتجان للمستهلكين وهما iMac و iBook ومنتجان للمحترفين وهما powermac و PowerBook فكيف سيملؤون المتجر بأربع منتجات فقط؟ في هذه الأثناء كان جوبز قد بدأ في اتباع مبدأ جديد وهو أن الحاسب الشخصي سيكون محورًا رقميًا للمستهلك، يمكن استخدامه لتحرير الفيديوهات والصور والاستماع للأغاني ولعب الألعاب وغيرها من الأنشطة.
لذلك قام هو وجونسون بتصميم المتجر ليركز على ما يمكن للمستخدم إبداعه بالأجهزة، كان أول ربع من المتجر مخصصا لعرض جميع أجهزة آبل الحالية مقسمه للمستهلكين في قسم Home وللمحترفين في قسم Pro.

بعد ذلك كان هناك أربع أقسام يعرض فيها ما يمكن للأجهزة القيام به مسميين “sloutions” أو “الحلول” وكانوا تحت مسميات Music ، Movies ، photos ، kids في كل قسم تجد بعض أجهزة الماك عليها برامج مخصصة للقسم وأجهزة تعمل معها بحيث يمكن للمستخدم توصيل الكاميرا مثلا بالجهاز واستعمال برنامج iMovie ورؤية كيف ستكون التجربة بالضبط.
كان المتجر يبيع مجموعة من الأجهزة المختلفة والتي تعمل مع أجهزة آبل، مثل الكاميرات الرقمية من كانون وسوني ومشغلات الموسيقى.

كان هناك أيضا قسم يسمى Genius bar أو ما يسمى ب “نضد العبقرية” وهو ما كان عبارة عن خبير في التقنية مستعد للإجابة عن أي أسئلة أو استفسارات بخصوص منتجات آبل، بالإضافة إلى مسرح صغير والذي كان يعرض عليه فيديوهات دعائية واستعراضية.
نجاح ساحق
حسنا لنراجع المعطيات المتوفرة، المتجر في منطقة مترفة في مجمع تجاري يتوافد إليه العديد من الناس، وبتصميم مميز من الداخل والخارج يتميز بالبساطة والأناقة، وعرض ما يمكن للمستخدم فعله بالأجهزة بدلًا من إعطائه قائمة المواصفات، نجح المتجر نجاحا ساحقًا محطما كل توقعات الفشل التي قيلت عنه.
فبحلول عام 2004 كان متوسط من يزورون المتجر 5400 عميل أسبوعيا في حين كانت متاجر جيت واي تجذب ما يقارب 250 عميل أسبوعيا، وفي نفس العام درت المتاجر أرباح تخطت المليار دولار.
متاجر آبل اليوم
لا تزال المتاجر تتبع نفس النهج الذي اتبعه ستيف منذ عقدين من الزمان، تصميم رائع وبسيط، بحوائط من الزجاج وطاولات خشبية موضوعة بعناية وتناسق، أصبحت بعض المتاجر عوامل جذب سياحية في العديد من الدول.
إضافة لمحاولة آبل تحويل المتاجر لأكثر من مجرد متجر عبر توفيرهم اليوم دروسا مجانية في مواضيع مثل التصوير والبرمجة تحت ما يسمى Today At Apple والتي بدأت عام 2017 وتعد إحياءًا للمسرح الذي كان متواجدا في المتاجر إلى عام 2012، إضافةً إلى تحسين قسم Genius bar أو “نضد العبقرية” وجعله يضم أعدادًا أكبر.

تخلصت آبل اليوم من خطوط الكاشير بالإضافة إلى كتابة أسعار المنتجات بخطوط صغيرة لتجعل من عملية شراء منتج جديد ومكلف مثل الآيفون سهلة وبسيطة.
المتاجر الأكثر ربحا لكل قدم مربع
ولا تزال المتاجر مربحة إلى يومنا هذا، حيث أن متاجر آبل هي المتاجر الأكثر ربحا لكل قدم مربع بأرباح تتراوح بين 5500-6000 دولار، متاجر المجوهرات المعروفة Tiffany على سبيل المثال تدر أرباحا تقترب من نصف هذا الرقم لكل قدم مربع.
ولقد بلغت إيرادات متاجر آبل ال 511 العام الماضي 72 مليار دولار تقريبا وهو يعادل 28% تقريبا من مجمل إيرادات الشركة.